بعد تصعيد ترامب.. هل تصمد فنزويلا أمام سيناريو المواجهة العسكرية مع أمريكا؟
الرئيس نيكولاس مادورو وترامب
كتب : محمد جعفر
02:44 م
30/11/2025
في ظل تصاعد حدة التوتر بين واشنطن وكاراكاس، تتجه الأنظار إلى فنزويلا التي تواجه واحدة من أكثر اللحظات حساسية في تاريخها السياسي والعسكري، فتصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإغلاق المجال الجوي فوق فنزويلا ومحيطها، دون الكشف عن التفاصيل، جاءت لتزيد من هشاشة المشهد وتعزز المخاوف من احتمال تطور الضغط السياسي إلى مواجهة عسكرية.
وبين جيش يعاني من نقص التدريب وتدهور المعدات، واقتصاد يترنح تحت وطأة الانهيار، تجد فنزويلا نفسها أمام تحديات داخلية وخارجية معقدة، بينما تسعى حكومة الرئيس نيكولاس مادورو إلى تعزيز نفوذها العسكري عبر الميليشيات والاستعداد لحرب عصابات، في محاولة للحفاظ على تماسك البلاد أمام أي تحرك خارجي محتمل، ويبدو المشهد وكأنه على أعتاب فصل جديد من صراع القوة والنفوذ في المنطقة.
ترامب يعلن غلق المجال الجوي لفنزويلا
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس السبت، إنه يجب اعتبار المجال الجوي فوق فنزويلا ومحيطها “مغلقًا بالكامل”، دون أن يقدم تفاصيل إضافية، في وقت تواصل فيه واشنطن تشديد الضغوط على حكومة الرئيس نيكولاس مادورو.
وأوضح ترامب مرارًا أن الهجمات الأمريكية على قوارب يُشتبه في تورطها بتهريب المخدرات في منطقتي البحر الكاريبي والمحيط الهادئ والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 80 شخصًا قد تتطور إلى عملية عسكرية برية داخل فنزويلا، رغم أنه تحدث هاتفيًا مع مادورو وناقش زيارة محتملة للرئيس الفنزويلي إلى الولايات المتحدة.
سيناريو المواجهة.. القدرات العسكرية لفنزويلا
نقلت رويترز عن 6 مصادر مطلعة على القدرات العسكرية لفنزويلا، فإن الجيش الأمريكي يتمتع بتفوق واضح على نظيره الفنزويلي الذي يواجه تحديات كبيرة تتعلق بضعف التدريب وتدني الأجور وتراجع كفاءة المعدات، وعلى الرغم من أن مادورو، الذي تولى السلطة منذ عام 2013، حافظ على الولاء داخل المؤسسة العسكرية من خلال إسناد مناصب حكومية للضباط، إلا أن الجندي العادي لا يتجاوز دخله 100 دولار شهريًا، وهو ما يعادل خُمس ما تحتاجه الأسرة لتغطية احتياجاتها الأساسية، وفقًا لدراسات متعددة.
وترجح المصادر أن حالات الفرار العسكري التي تشهدها بالفعل بعض الوحدات قد تتزايد بشكل ملحوظ في حال حدوث تدخل عسكري أمريكي، وتقتصر خبرة القوات الفنزويلية، خلال السنوات الأخيرة، على التعامل مع المدنيين العزّل خلال الاحتجاجات الشعبية.
ويشير مادورو إلى أن نحو 8 ملايين مدني يتلقون تدريبات عسكرية ضمن الميليشيات، لكن أحد المصادر قدّر أن الآلاف فقط — من عناصر الاستخبارات وأنصار الحزب الحاكم المسلحين وأعضاء الميليشيات — يمكن أن يشاركوا فعلًا في الدفاع.
أما التسليح، ومعظمه روسي الصنع ويعود لسنوات طويلة، فيتسم بالتهالك والقصور؛ إذ تمتلك كاراكاس نحو 20 مقاتلة من طراز سوخوي تم شراؤها مطلع الألفية، لكنها لا تقارن بالكفاءة التكنولوجية لطائرات بي-2 الأمريكية، كما أن المروحيات والدبابات والصواريخ المحمولة على الكتف قديمة ومحدودة الأداء.

فنزويلا تستعد لمواجهة على طريقة حرب العصابات
بناءً على ما اطلعت عليه رويترز من وثائق تخطيطية وما نقلته عن مصادر مطلعة، أشارت إلى أن فنزويلا تستعد لمواجهة محتملة على طريقة حرب العصابات أو خلق حالة من الفوضى في حال تعرضها لهجوم جوي أو بري، ويطلق المسؤولون على هذا النهج اسم “المقاومة المطولة”، ويشمل نشر وحدات صغيرة في أكثر من 280 موقعًا لتنفيذ عمليات تخريب وتكتيكات حرب العصابات.
كما تم نشر 5000 صاروخ روسي الصنع من طراز “إيغلا”، وهو ما أشاد به مادورو مؤخرًا عبر التلفزيون الرسمي، وأكد مصدر عسكري أن الأوامر تقضي بتفريق الوحدات واللجوء إلى مواقع مخفية عند تعرض البلاد لهجوم.
وتتحدث المصادر أيضًا عن استراتيجية ثانية تُعرف بـ”الفوضوية”، لم تُعترف بها رسميًا، وتقوم على استخدام أجهزة الاستخبارات وأنصار الحزب الحاكم المسلحين لإحداث اضطرابات واسعة في العاصمة كاراكاس، بهدف جعل البلاد غير قابلة للحكم.
في خضم هذا المشهد المتشابك بين تهديدات خارجية وضغوط داخلية، تبدو فنزويلا عالقة بين معادلة صعبة وهي الدفاع عن سيادتها واستقرارها في مواجهة قوة عسكرية وسياسية هائلة كالولايات المتحدة، وبين محاولة الحفاظ على تماسكها الداخلي وسط أزمات اقتصادية واجتماعية خانقة.
وبينما تتباهى واشنطن بقدرتها على فرض الإرادة بالقوة، تراهن كاراكاس على استراتيجيات المقاومة المطولة وحرب العصابات، ما ينذر بأن أي مواجهة محتملة لن تكون قصيرة أو تقليدية.




