عرب وعالم

مساعي ترامب لإنهاء حرب أوكرانيا تُثير مخاوف من “صفقة قبيحة” لأوروبا

كتب : سهر عبد الرحيم


01:44 م


02/12/2025

مع استمرار جهود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وإدارته لإنهاء الحرب في أوكرانيا، تخشى أوروبا من احتمال أن تفضي هذه الجهود إلى اتفاق يكون في صالح روسيا ولا يتضمن فرض عقوبات عليها، كما كان يأمل حلفاء كييف، مما يعرض أمن القارة لخطر أكبر، بحسب وكالة “رويترز”.

وربما يتعين على أوروبا أن تقبل بشراكة اقتصادية متنامية بين الولايات المتحدة وروسيا، التي تعتبرها معظم الحكومات الأوروبية وحلف شمال الأطلسي (الناتو) نفسه أنها تشكل التهديد الأعظم للأمن الأوروبي.

ورغم أن أوكرانيا وأوروبا تمكنوا من التصدي لأجزاء من خطة أمريكية مكونة من 28 نقطة لإنهاء الحرب، والتي اُعتبرت مؤيدة لروسيا إلى حد كبير، فإن أي اتفاق من المرجح أن يحمل مخاطر كبيرة على القارة، إذ لا تمتلك الأخيرة القدرة الكافية للتأثير على الاتفاق، وخاصة لأنها تفتقر إلى القوة الصارمة اللازمة لإملاء شروطها، وفق “رويترز”.

“صفقة قبيحة” لأوروبا

وفي هذا السياق، قال لوك فان ميديلار، المدير المؤسس لمعهد بروكسل للجيوسياسة، “لدي انطباع بأن الوعي يتغلغل ببطء في أنه في مرحلة ما ستكون هناك صفقة قبيحة” لأوروبا، وفق ما نقلته الوكالة.

وأضاف “من الواضح أن ترامب يريد اتفاقًا، ولكن ما يُزعج الأوروبيين بشدة هو أنه يريد اتفاقًا وفقًا لمنطق القوى العظمى” الذي ينطلق من اعتبار أن الأمر محصور بين واشنطن وموسكو فقط، وكأنهما اللاعبان الوحيدان المؤثران، في تجاهل واضح لدور أوروبا ومصالحها.

روبيو يسعى لطمأنة الأوروبيين

ولطمأنة الأوروبيين، قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، إن الأوروبيين سيشاركون في المناقشات حول دور حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي في أي تسوية سلمية بشأن أوكرانيا.

لكن الدبلوماسيين الأوروبيين لا يجدون في هذه التصريحات ما يطمئنهم، فهم يقولون إن أي جانب من جوانب أي اتفاق تقريبًا سيؤثر على أوروبا – بدءًا من التنازلات الإقليمية المحتملة ووصولًا إلى التعاون الاقتصادي بين الولايات المتحدة وروسيا، بحسب “رويترز”.

وأثارت المبادرة الأمريكية الأخيرة أيضًا مخاوف أوروبية جديدة بشأن التزام الولايات المتحدة تجاه حلف الناتو، لا سيّما أن هذا الالتزام يشكّل ركيزة أساسية للأمن الأوروبي، بدءًا من المظلة النووية مرورًا بأنظمة التسليح المتقدمة ووصولًا إلى وجود عشرات الآلاف من الجنود الأمريكيين المنتشرين في القارة.

وعلى الرغم من انتقادات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السابقة لحلف الناتو، فقد أكد في يونيو الماضي التزامه بالتحالف وبند الدفاع المتبادل في المادة الخامسة منه مقابل تعهد من الأوروبيين بزيادة إنفاقهم الدفاعي.

ولكن عدم نية وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو حضور اجتماع وزراء خارجية الناتو في بروكسل هذا الأسبوع قد تؤدي فقط إلى إثارة التوتر في أوروبا، وسط مخاوف من أن أحد الأعضاء الشرقيين في الحلف قد يكون الهدف التالي لموسكو، بعد كييف، وفقًا لـ”رويترز”.

وقال متحدث باسم الخارجية الأمريكية لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ)، أمس الاثنين، إن روبيو قد حضر بالفعل عشرات الاجتماعات مع حلفاء الناتو، “ومن غير العملي توقع حضوره في كل اجتماع”.

والأسبوع الماضي، قال وزير الخارجية الألماني يوهان فادفول، أن الأجهزة الاستخباراتية لبلاده تؤكد بشكل قاطع أن روسيا تُبقي على خيار الحرب ضد حلف الناتو مفتوحًا بحلول عام 2029، على أبعد تقدير.

التنازلات الإقليمية قد تؤدي إلى تشجيع بوتين

يقول المسؤولون الأوروبيون، إنهم لا يرون أي مؤشر على رغبة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في إنهاء القتال في أوكرانيا. ولكن إذا فعل، فإنهم يخشون أن أي اتفاق لا يحترم وحدة أراضي كييف قد يشجع موسكو على شن هجمات خارج حدودها مرة أخرى.

ولكن يبدو الآن من المرجح أن أي اتفاق سلام من شأنه أن يسمح لموسكو على الأقل بالاحتفاظ بالسيطرة على الأراضي الأوكرانية التي استولت عليها خلال الحرب الدائرة منذ أكثر من 3 سنوات، سواء تم تغيير الحدود رسميًا أم لا، بحسب “رويترز”.

وما يؤكد تلك المخاوف، هو أن الإدارة الأمريكية لم ترفض بشكل قاطع المطالبات الروسية بإبقاء السيطرة على منطقة دونباس الأوكرانية. وفضلًا عن ذلك، أوضح ترامب ومسؤولون أمريكيون آخرون أنهم يرون فرصًا عظيمة لإبرام صفقات تجارية مع موسكو بمجرد انتهاء الحرب.

ويخشى المسؤولون الأوروبيون من أن إنهاء عزلة روسيا عن الاقتصاد الغربي سيمنح موسكو مليارات الدولارات لإعادة بناء جيشها.

وقالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس، للصحفيين الاثنين: “إذا كان جيش روسيا كبيرًا، وإذا كانت ميزانيتها العسكرية كبيرة كما هي الآن، فإنها سترغب في استخدامها مرة أخرى”.

أوروبا تكافح من أجل ممارسة نفوذها

واجه الزعماء الأوروبيون صعوبة في ممارسة تأثير قوي على أي تسوية سلمية، على الرغم من أن أوروبا قدمت نحو 180 مليار يورو (209.23 مليار دولار) كمساعدات لأوكرانيا منذ الهجوم الروسي في فبراير 2022.

ورغم أن الاتحاد الأوروبي يمتلك ورقة ضغط كبيرة تتمثل في الأصول الروسية المجمدة لديه، فإن قادته فشلوا حتى الآن في الاتفاق على مقترح لاستخدام هذه الأصول لتمويل قرض بقيمة 140 مليار يورو لأوكرانيا، من شأنه أن يُبقي كييف صامدة في القتال على مدى العامين المقبلين.

وفي محاولة لإظهار قدرتهم على استخدام القوة الصارمة، تعهد “تحالف الراغبين” بقيادة فرنسا وبريطانيا بنشر “قوة طمأنة” كجزء من الضمانات الأمنية لأوكرانيا بعد الحرب.

ومن جانبها، رفضت روسيا مثل هذه القوة. ولكن حتى لو نُشرت، فسيكون حجمها متواضعًا، وتهدف إلى تعزيز قوات كييف بدلًا من حماية أوكرانيا بمفردها، ولن تنجح إلا بدعم أمريكي، وفقًا لوكالة “رويترز”.

وقالت كلوديا ميجور، نائبة الرئيس الأولى للأمن عبر الأطلسي في مؤسسة مارشال الألمانية للأبحاث، إن “الأوروبيين يدفعون الآن ثمن عدم الاستثمار في القدرات العسكرية خلال السنوات الأخيرة”.

وأضافت: “الأوروبيون ليسوا حاضرين على الطاولة. لأنهم، على حد تعبير ترامب، لا يملكون أوراقًا”، في إشارة إلى انتقاد الرئيس الأمريكي لنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في فبراير الماضي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى