معسكر “Saudi MIB” يطرح سؤال الحفاظ على الروح الثقافية في زمن الإعلام الذكي

كتب : محمد سامي
09:53 م
21/12/2025
كتب- محمد سامي:
تتحول القضايا الثقافية في ظل التطور التكنولوجي المتسارع إلى أسئلة تحريرية بامتياز، مع تمدد أدوات الذكاء الاصطناعي داخل غرف الأخبار ومنصات المحتوى، وفي قلب هذا التحول يبرز معسكر الابتكار الإعلامي Saudi MIB في نسخته الثانية، بوصفه مساحة عملية مرتبطة بفعاليات المنتدى السعودي للإعلام 2026، تضع الهوية الثقافية على طاولة التصميم، وتختبر قدرة الإعلام الذكي على تمثيل الروح الثقافية دون فقدان أصالتها.
وأُطلق المعسكر في أكتوبر 2025، على أن يُغلق باب التسجيل في 25 ديسمبر 2025، فيما تُعلن نتائجه النهائية خلال فعاليات المنتدى السعودي للإعلام، حيث يقدّم نموذجًا عمليًا لدمج الإبداع بالتقنية، في إطار يؤكد ريادة المملكة في بناء مستقبل إعلامي قائم على المعرفة والابتكار.
ويطرح المعسكر تساؤلًا محوريًا حول كيفية بناء مشاريع إعلامية ذكية قادرة على الوصول عالميًا، وفي الوقت نفسه تحمل ملامح الثقافة السعودية والعربية بوضوح واتزان، وهو ما يتعزز من خلال التوسع الدولي للمعسكر ضمن فعاليات المنتدى، حيث تجتمع المواهب والخبراء من دول مختلفة تحت مظلة واحدة، بما يتيح تقاطع الأفكار وتوليد الحلول وبناء الشراكات، في توقيت تتنافس فيه المنصات الإعلامية على جذب انتباه الجمهور عبر محتوى أسرع وأكثر ذكاءً.
وتهدف النسخة الثانية من المعسكر إلى تمكين المواهب السعودية والعالمية من تصميم مشاريع تعكس الهوية الثقافية وتدعم الحوار الحضاري، إلى جانب توسيع الشراكات الدولية لبناء منظومة إعلامية متكاملة تواكب التحول الرقمي العالمي. وتتعامل هذه الصياغة مع الهوية باعتبارها شرط جودة وعنصرًا هندسيًا داخل المنتج الإعلامي، لا مجرد إضافة لغوية في نهاية العمل.
ويستهدف المعسكر الشركات التقنية الناشئة، والمؤسسات الإعلامية، والمبدعين المهتمين بالإعلام الرقمي والذكاء الاصطناعي، من خلال طرح مسار عملي يعتمد على تطوير حلول قائمة على الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة، مع تعزيز إنتاج محتوى ذكي يجسد ريادة المملكة عبر تكامل الإعلام والتقنية في بيئة إبداعية واحدة.
وفي ظل تسارع إنتاج المحتوى عبر الخوارزميات، يزداد احتمال تشابه النبرة والصياغة والزوايا التحريرية، خصوصًا في حال غياب الهوية كمرجع يضبط اللغة ويحدد الأولويات، وهو ما يبرز دور المعسكر في تحويل الهوية إلى مدخلات واعية داخل عملية الإنتاج، تشمل اختيار موضوعات تعكس الثقافة، وصياغة سرد متوازن، وبناء حلول تحترم التنوع الثقافي وتدعم الحوار الحضاري، باعتبار ذلك معيارًا أساسيًا في تصميم المشروع الإعلامي.
ويركز المعسكر على ثلاثة مسارات رئيسية، الأول هو الصحافة المعززة بالذكاء الاصطناعي، الذي يهدف إلى توظيف الذكاء الاصطناعي في تطوير العمل الصحفي الاستقصائي عبر تحليل البيانات الضخمة، وكشف الأنماط، والتحقق من المعلومات، ورصد الزيف والتضليل في المحتوى الرقمي. أما المسار الثاني فهو صناعة المحتوى الذكي، ويعنى بتوجيه أدوات الذكاء الاصطناعي لإنتاج المحتوى الإعلامي بمختلف أشكاله، من المجلات الرقمية إلى الفيديو والبودكاست والتصاميم التفاعلية، بما يسهم في تسريع عمليات التحرير والإنتاج، ورفع جودة المحتوى، وتوسيع آفاق النشر متعدد المنصات. بينما يركز المسار الثالث على المذيع الافتراضي الذكي، الذي يعتمد على تصميم مذيع افتراضي قادر على توليد وتحرير وتقديم المحتوى الإخباري من مصادر موثوقة، بأسلوب مرئي وسمعي يحاكي أداء المذيعين الحقيقيين.
وتضم لجنة تحكيم معسكر الابتكار الإعلامي كلًا من الدكتور عمر الرهبيني، المؤثر في مواقع التواصل الاجتماعي والحاصل على شهادات من جامعتي هارفارد وكامبردج في استخدام الذكاء الاصطناعي، وخوان سينيور رئيس مجموعة استشارات الإعلام والابتكار، وستيفاني سانشيز رئيسة قسم الأمن في شركة غراس فالي، وعبدالله السبع المحرر التقني بصحيفة «اندبندنت عربية».
ويضع المنتدى السعودي للإعلام 2026، من خلال معسكر Saudi MIB، معادلة واضحة أمام صُنّاع المحتوى، مفادها أن الذكاء الاصطناعي يعزز السرعة والكفاءة، بينما ترفع الهوية المعنى والتميّز، ومع تصميم مشاريع تجسد الثقافة السعودية والعربية في قالب عالمي، يصبح الإعلام الذكي مساحة للحوار الحضاري، ومجالًا لتقديم الروح الثقافية بثقة ووضوح، في زمن تتسابق فيه المنصات على الذكاء، وتبحث فيه الجماهير عن المعنى والروح.




