رياضة

من الملعب القابسي إلى أوروبا.. الجعايدي يكشف رحلته مع الملاعب وتوقعاته لكأس الأمم 2025 (حوار)

حوار – نهى خورشيد

في قلب العاصمة التونسية ولد راضي الجعايدي في 30 أغسطس 1975، ليبدأ منذ صغره رحلة طويلة مع كرة القدم، تميز خلالها بالصلابة الدفاعية والانضباط داخل الملعب، ومع مرور الوقت أصبح من أهم المدافعين في تشكيلة النسور.

ولم تقتصر رحلة الجعايدي على الملاعب المحلية، بل امتدت إلى أوروبا، إذ لعب مع ساوثهامبتون وبرمنجهام سيتي وبولتون واندررز، قبل أن يترك بصمته الواضحة مع الترجي الرياضي التونسي ونسور قرطاج.

وأجري “مصراوي” حواراً مع الجعايدي عن استعدادات المنتخب التونسي لبطولة كأس الأمم الأفريقية، بجانب كواليس عن بدايته واحترافيه وعمله في التدريب.

وفيما يلي أبرز أسئلة الحوار..

كيف تقيم استعدادات المنتخب التونسي لبطولة كأس الأمم الإفريقية؟

يبدو أن التحضير جاداً إلى حد ما كما هو معتاد، وخاصة بعد انتخاب العضو الجديد في الاتحاد، أرى أن هناك هيكلاً واضحاً، والجهاز الفني برئاسة سامي الطرابلسي ركز بشكل واضح على الانضباط، خصوصاً مع وجود زمايلي السابق ضمن الجهاز أيضاً، ويعرف تاريخ المنتخب الوطني. لذا هناك انضباط، صلابة دفاعية، وتناسق بين الخطوط، كذلك لدينا قاعدة ثابتة من اللاعبين الذين يمتلكون خبرة أكبر من غيرهم، بالإضافة إلى مزيج صغير من اللاعبين الشباب الذين لديهم طموح كبير للانضمام إلى المنتخب الوطني، بما في ذلك الناشئين.

ما هي نقاط القوة الرئيسية للمنتخب التونسي في الوقت الحالي؟

أعتقد أن قوتنا تكمن في نضج المجموعة، والقدرة التكتيكية المتعددة، والتوازن بين اللاعبين ذوي الخبرة والمواهب الشابة، كما شرحت، الفريق اكتسب الكثير من الثبات والقدرة على التعامل مع اللحظات الصعبة، وهو أمر أساسي لكأس الأمم الإفريقية.

كيف ترى فرص تونس في البطولة وما هو الهدف الواقعي؟

بالنسبة للقائمة، أعتقد تونس في موقف إيجابي، وأظن أننا يمكن أن نحقق مسافة جيدة.

الهدف الواقعي بالنسبة لنا هو الوصول إلى ربع النهائي، بعد ذلك، إذا سارت الأمور على ما يرام، خصوصاً من حيث الثقة والديناميكية، وصحة المجموعة، أعتقد أننا يمكن أن نطمح إلى نصف النهائي.

أعلم أن هذا صعب قليلاً، لكن أظن أننا خطوة بخطوة يمكن أن نحقق ربع النهائي كهدف أساسي لتونس، بعد ذلك، إذا وصلنا إلى هناك، يمكننا أن نستهدف نصف النهائي.

أما النهائي فيبقى هدفاً طموحاً لكنه ليس مستحيلًا.

كيف تقيم المجموعة الثالثة وما هي أبرز التحديات؟

بالنسبة لكيفية تقييم المجموعة أو تحليلها، فنحن مع نيجيريا وأوغندا وتنزانيا، أعتقد أن المجموعة متوازنة لكنها مطلوبة بشدة، ولا يجب أبداً القول إنها مجموعة سهلة.

بالنسبة لنيجيريا، فهي تضيف القوة الهجومية، أما أوغندا، فسيكون الأمر متعلقاً أيضاً بالانضباط التكتيكي خلال المباراة وتنزانيا بدأت تدريجياً تكسب الثقة، لذا لن يكون أي شيء سهلاً بالنسبة لنا.

المجموعة في متناولنا، ويجب علينا فرض أسلوبنا، خصوصاً بعد مواجهة نيجيريا وهكذا، أنا أتحدث عن أوغندا وتنزانيا.

من هو الخصم الأكثر خطورة في المجموعة؟

بالنسبة لي، نيجيريا هي الخصم الأكثر تكاملاً في المجموعة، يكمن أخطرهم في الانتقالات السريعة، والجودة الفردية خصوصاً في الهجوم. نحن نعرف المنتخب النيجيري، لقد لعبنا ضده عدة مرات، ونعلم أن قدرتهم على إحداث الفارق في أي لحظة موجودة دائماً.

يجب أن نكون دائماً واعين ويقظين تجاه ذلك ويجب دائماً التحكم في إيقاع المباراة وأن نكون ممتازين في جميع الجوانب.

هل تشعر بالقلق من مواجهة أوغندا وتنزانيا؟

لقد شاركت في خمس نسخ من كأس الأمم الإفريقية، وأعلم أن المفاجآت غالباً ما تأتي من الفرق المنظمة جداً وخاصة تلك التي تتحرر ذهنياً ومعنويًا.

أوغندا وتنزانيا، أعتقد أنهم خالون من التوتر، ليس لديهم ضغط أو مطالب كبيرة، لذا يمكنهم إحداث الكثير من المشاكل لنيجيريا أو لتونس.

إذا، على سبيل المثال، افتقرت تونس إلى التركيز أو التنظيم، فسوف يستغلون ذلك، لذلك يجب علينا احترامهم، والانضباط سيكون أساسياً بالنسبة لنا.

كيف يتعامل اللاعبون مع الضغوط الجماهيرية، خاصة في بطولة بحجم كأس الأمم الإفريقية؟

أعتقد أن الضغط على المنتخب التونسي قوي جداً سواء على المدرب، أو الجهاز الفني أو اللاعبين أيضاً لكنه يمكن أن يتحول فوراً إلى طاقة إيجابية.

لذلك خاصة بالنسبة للاعبين الشباب، يجب أن يعرفوا أن التدريب الذهني هو عمل أساسي لكأس الأمم الإفريقية قبل التوجه للمسابقة، يجب العمل على بعض الجوانب، خاصةً التعامل مع الضغط والاعتماد على لاعبي الخبرة في الفريق، وهذا بالنسبة لي أمر أساسي.

فعندما فزنا بكأس الأمم الإفريقية، كنا متماسكين جداً كمجموعة، واعتمدنا أيضاً على اللاعبين الخبراء وكنت من بينهم، وتمكنا من تجاوز ضغط المجموعة والتركيز على مهامنا.

لذا، عندما نكون واضحين فيما يجب علينا فعله، يتحول الضغط دائماً إلى دافع إيجابي.

كيف تقيم تماسك المنتخب التونسي في المرحلة الحالية؟

أعتقد، من بعيد، أنني أرى مجموعة متحدة عاشت بالفعل مسابقات معاً، أي إذا نظرنا إلى أداء المنتخب التونسي ضد البرازيل سابقاً، نجد أن النقاط المرجعية واضحة، وكل لاعب يعرف دوره.

وأعتقد أن التواصل أفضل الآن، ويبدأ ذلك من الإدارة، خاصة المدرب الذي يتسم بالحرية في التواصل وسلاسة التعامل هذا التماسك بالنسبة لي عنصر أساسي، وفي كأس الأمم الإفريقية سيكون عنصراً إيجابياً جيداً وحاسماً أيضاً، لأن التواصل مع الضغط وأداء الفريق يمكن أن يمنح الفريق تأثيراً إيجابياً.

من اللاعب التونسي القادر على الظهور والتألق خلال هذه النسخة من البطولة؟

في رأيي، هذا صعب قليلاً لأن قوة تونس تكمن في المجموعة نفسها لذلك، نجاح تونس سيكون مبنياً على قوة المجموعة وكذلك على التماسك بين اللاعبين، ليس لدينا لاعب بمفرده يمكن أن يلمع على مستوى عالٍ، لكننا نمتلك فريقاً مستقراً، يلعب بأفراد يضيفون الطاقة والثبات للفريق.

كما أن الأداء سيعتمد أيضاً على من يكون في أفضل حالة بدنية ونفسية في اللحظة الحاسمة.

من اللاعب الأفريقي الذي تتوقع تألقه بشكل مفاجئ خلال البطولة؟

بالنسبة لي، هذا صعب قليلًا أيضاً كل نسخة تكشف عن مواهب مختلفة، غالباً من الشباب الذين يلعبون في جنوب إفريقيا، أو المغرب، أو أوروبا، والمستوى العام يرتفع دائماً لذلك أتوقع أن يظهر لاعبين آخريين مفاجآت في هذه النسخة.

مرة أخرى بالنسبة لي الأمر صعب، حتى اللاعبين الذين يفترض أنهم نجوم في أوروبا ليس بالضرورة أن يقدموا أداءً جيداً في كأس الأمم الإفريقية، دائماً هناك بعض الغموض في هذا السياق، ودائماً ما تحدث مفاجآت.

ما هي المنتخبات المرشحة للتتويج، وهل تونس من بينها؟

بالتأكيد أنه يجب وضع تونس ضمن الدول المفضلة، لأن من تقاليدنا أن نكون ضمن الأربعة الأوائل أو ربما نصل إلى النهائي، نحن لسنا الأوائل، فالدول المفضلة تبقى السنغال، المغرب، كوت ديفوار حامل اللقب، نيجيريا، قليلاً مصر، وتونس أيضاً.

نحن هناك لأننا سنتقدم في البطولة خطوة بخطوة، لكن يمكن أن نكون حاضرِين هناك، تونس يمكن أن تلعب دور الفريق المفاجئ، وهو دور مختلف لكنه جدي جداً كما قلت، إذا دخلنا البطولة بشكل جيد، يمكننا مفاجأة الكثير من الناس.

سكيف ترى تطور كرة القدم الأفريقية في السنوات الأخيرة؟

بالنسبة لتطور كرة القدم الأفريقية في السنوات الأخيرة، أعتقد أن المستوى قد تقدم بشكل واضح، وخاصة على المستوي المحلي، إذ أصبح اللاعبون أكثر تكويناً والفرق أكثر تنظيماً.

إذا نظرنا على سبيل المثال، إلى أداء الفرق الأفريقية في كأس العالم للأندية في الولايات المتحدة الصيف الماضي، فقد كان ذلك نجاحاً بسيطاً بالنسبة لي، لأننا رأينا فرقاً تلعب مواجهة متكافئة مع الفرق الأوروبية والأمريكية.

أعتقد أن الأساليب التكتيكية أصبحت أكثر حداثة، لكنني أشعر بخيبة أمل بسيطة فيما يخص المدربين، لأنه يجب منح الفرصة أكثر للمدربين المحليين.

لكن اليوم، كل مباراة هي معركة فنية وبدنية واستراتيجية لذلك هناك تطور كبير في أفريقيا، وأعتقد أنه سيستمر ويتقدم أكثر في السنوات القادمة.

كيف تقيم قرعة مجموعة مصر، وهل تعتقد أن المنتخب المصري قادر على الذهاب بعيداً في البطولة؟

أعتقد أن خبرتهم، وانضباطهم، وجودة قائدهم بما في ذلك محمد صلاح، يمكنهم الوصول إلى أبعد مدى ممكن، لا يجب الاستهانة بمصر بالنسبة لي، لأنه حتى أن لم يكونوا في أفضل حالاتها، أعتقد أنهم يمكلون الأدوات اللازمة للوصول على الأقل إلى نصف النهائي، والاستفادة من القادة، خاصة مع المدرب حسام حسن الآن، فهو يتمتع بشخصية قوية وهوية تكتيكية وفنية حقيقية، وبالأخص الهوية المصرية.

لذا، يجب عليه فرض الكثير من الحدة والانضباط والتنسيق في التحولات الدفاعية والهجومية، ويمكن للمنتخب المصري أن يتطور تحت قيادته مع تحقيق الكثير من النجاحات.

من هو الفريق الذي يمكنه ترك أثراً كبيراً في كأس الأمم الإفريقية 2025؟

هناك الكثير للحديث الفرق التي تمتلك لاعبين على مستوى عالٍ ستحاول السيطرة على الكرة، وستسعى للتقدم بشكل تدريجي، مستغلة المساحات خلف الخطوط، وربما استخدام الأطراف السريعة والتحركات المهيكلة جيداً.

ما الأساليب الأخرى التي قد تتبعها الفرق خلال البطولة؟

بعض الفرق الأخرى ستلعب على الهجمات المرتدة مع تشكيل دفاعي منخفض قليلاً، محاولين إجبار اللعب على جانب واحد لعكس الكرة إلى الجانب الآخر.

لذلك ستختلف الأساليب بين الفرق بالنسبة لي، من الواضح أن الفرق الكبرى في أفريقيا ستحاول استخدام كرة القدم الحديثة، مع سيطرة كبيرة على الكرة، وتقدم فعال، ودخول إلى مناطق الخصم لمحاولة تسجيل الأهداف.

لكن هذا يخلق مفاجآت أيضاً مع فرق أخرى ستسعى لتقليص مساحة اللعب واستغلال الهجمات المرتدة السريعة.

على الجانب الآخر، حدثنا عن بدايتك في كرة القدم؟

بداياتي كانت في أكاديمية الملعب القابسي وكانت هي الأساس بالنسبة لي تعلمت هناك العمل والانضباط والذهنية الصحيحة وعندما انتقلت إلى الترجي، نضجت أكثر، وهناك التقيت بخالد بادرا، إذ شكلنا ثنائياً متكاملاً وقوياً قائماً على التواصل والالتزام التام.

بالنسبة لي كانت تلك الفترة بداية حقيقية لمسيرتي من الملعب القابسي على مستوى الأكاديمية، مروراً بالانتقال والخبرة التي اكتسبتها مع الترجي، كان ذلك بالفعل نقطة الانطلاق لمسيرتي ومنحتني المنصة للانتقال إلى أوروبا.

كيف كانت تجربتك في كرة القدم الإنجليزية، وما الذكريات التي تحتفظ بها من هذه المرحلة؟

بكل بساطة، إنجلترا غيرتني على المستوى الذهني، وأكثر من ذلك على المستوى البدني والاجتماعي أيضاً تعلمت هناك الاحترافية والانضباط، وحصلت على قدر كبير من التكوين المهني.

على أرض الملعب، كان التركيز على الإيقاع، الشدة، والمتطلبات اليومية، وهذا يدفع اللاعب دائماً لتجاوز حدوده، بولتون وبرمنجهام شكلا لي تكوين جسدي قوي، أما ساوثهامبتون فسمحت لي بفهم أعمق للجانب التكتيكي والمهني لكرة القدم الحديثة، خاصة مع المدربين الذين تعاملت معهم كانت سنوات رائعة جداً بالنسبة لي.

ما أبرز اللحظات التي لا تنسى مع المنتخب التونسي؟

كانت تجربة رائعة لعبت في بطولات أمم إفريقيا، وكؤوس العالم، ومباريات حاسمة، لكن الأهم كان شعور تمثيل الشعب بأكمله، فهذه هي سحر اللعب مع المنتخب الوطني.

كل بطولة تركت ذكريات مميزة، لكنني دائماً أعود إلى كأس الأمم الإفريقية 2004؛ كانت ذكرى تبقى في ذاكرتنا، وصنعت تاريخ تونس في أفريقيا أنا فخور بذلك، وفخور بأن أكون جزءاً من المنتخب وألعب إلى جانب اللاعبين الذين شاركوا في تلك البطولة.

ماذا تعني لك كأس الأمم الإفريقية 2004 على المستوى الشخصي؟

كأس الأمم الإفريقية 2004 ستبقى دائماً ذروة في مسيرتي كما ذكرت، كان دوري واضحاً وهو تقديم الاستقرار والقيادة، وخصوصاً التواجد الدفاعي على أرض الملعب.

أقوى ذكرى لي كانت وحدة الفريق والمشاعر المشتركة بعد كل مباراة عند العودة إلى الفندق والتضامن الذي كنا نعيشه كان استثنائياً، وكذلك المشاعر التي شاركناها بعد النهائي مع البلد والشعب، لم يوازيها شيء في تلك اللحظة.

كيف ساعدتك خبرتك الدولية في مسيرتك التدريبية بعد الاعتزال؟

كلاعب، أعطتني هذه الخبرة أيضاً نظرة عامة على الانضباط، الضغط، إدارة المساحات وتطوير اللاعبين في ساوثهامبتون منذ 2011 أو 2012، تعلمت المنهجية الحديثة، وفي هارفورد عندما انتقلت إلى الولايات المتحدة بنيت هويتي التدريبية، وفي بروج عملت على التنظيم.

اليوم، منهجي هو مزيج من كل ذلك، كرة قدم حديثة مع كثافة كبيرة وقيم قوية هذا هو الأمر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى