استراتيجية ترامب تتجاهل “الردع النووي”.. والأمن الأمريكي في خطر
دونالد ترامب
كتب : سهر عبد الرحيم
05:22 م
13/12/2025
ترجمة- سهر عبد الرحيم:
أصدر البيت الأبيض الأسبوع الماضي استراتيجيته الجديدة للأمن القومي، وعلى الفور بدأ المحللون في واشنطن بدراسة كل فقرة منها بدقة. إلا أنهم لم يتطرقوا إلى ما أغفلته الوثيقة، وهو غياب أي ذكر للردع النووي الموسع ومنع الانتشار، وفقًا للمحلل هنري سوكولسكي.
واعتبر سوكولسكي، المدير التنفيذي لمركز تعليم سياسات منع الانتشار النووي والموظف السابق في البنتاجون، أن هذا أمر مُقلق، إذ لطالما اعتمد أمن الولايات المتحدة على المعالجة السليمة لهاتين المسألتين المترابطتين، لافتًا إلى أن تجاهلهما أو إساءة فهم علاقتهما أمر مُحفوف بالمخاطر.
وقال في تقرير نشرته مجلة “ناشونال إنتريست” الأمريكية، إن هناك حججًا أكاديمية ترى أن امتلاك المزيد من الدول للأسلحة النووية قد يكون خيارًا أفضل.
وأضاف: “يصر بعض الواقعيين على أن واشنطن يجب أن تشجع حلفاءها على امتلاك الأسلحة النووية كوسيلة غير مكلفة للحفاظ على السلام . إلا أن تبني هذه السياسة من شأنه أن يُقوّض إحدى أنجح استراتيجيات أمريكا، ألا وهي تعزيز قدرتها على الردع النووي من خلال الالتزام باستخدامها، عند الضرورة، لحماية حلفائها ومن الغريب أن استراتيجية الأمن القومي لا تتطرق إلى هذا الأمر”.
“تغافل يعكس تفاؤل إدارة ترامب”
ذكر المحلل الأمريكي هنري سوكولسكي، أن هذا الإغفال قد يعكس تفاؤل إدارة الرئيس دونالد ترامب بأن القبة الذهبية المقرر بناءها ستحمي الولايات المتحدة من التهديدات الصاروخية، ولكن إنشاء هذا النظام الدفاعي الصاروخي سيستغرق وقتًا.
وأضاف سوكولسكي، أنه حتى بناء القبة الذهبية سيظل أمن الولايات المتحدة وحلفائها يعتمد، كما كان الحال لعقود، على التهديد باستخدام القوة، وإذا لزم الأمر، استخدام الأسلحة النووية لردع أعدائها.
وبحسب سوكولسكي، فإن الردع الموسع ساعد في منع تكرار الحروب الشاملة التي انخرط فيها الأمريكيون في عامي 1917 و1941، كما منع هذا الردع تصعيد الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق إلى حرب ساخنة.
وأشار إلى أن هناك من يؤيد تقليص الردع الموسع، ويتساءلون: لماذا تُنشر القوات الأمريكية في الخارج أو تُنفق مليارات الدولارات لبسط نفوذها لحماية حلفاء واشنطن، في حين أن حلفائها قادرون على الدفاع عن أنفسهم بالأسلحة النووية؟ حينها، تستطيع الولايات المتحدة التراجع وخفض إنفاقها على دفاعها.
ولكن ذكر سوكولسكي أن التاريخ يُشير إلى عكس ذلك، فبعدما امتلكت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل وباكستان الأسلحة النووية، أنفقت الولايات المتحدة في الواقع المزيد على الدفاع.
“حجة مقنعة ولكن..”
ورغم ذلك، فإن هنري سوكولسكي يرى أن خدمة مصالح الأمن القومي الأمريكي من خلال النأي بنفسه عن حروب الآخرين “حجة مقنعة”.
وذكر أن العديد من الرؤساء الأمريكيين، مثل وودرو ويلسون من عام 1914 إلى عام 1917، اتبعوا هذه السياسة، لكنها لم تؤدِ إلا إلى إبطاء استعدادات الولايات المتحدة للمعارك التي انخرطت فيها في نهاية المطاف.
وأشار سوكولسكي، إلى أن الجهود الأمريكية في مجال الردع التقليدي قبل الحربين العالميتين الأولى والثانية كانت ضعيفة وغير فعّالة. أما اليوم، فقد ازدادت متطلبات الردع التقليدي والنووي الفعّال.
ويختتم المحلل الأمريكي تقريره بالقول، إنه لتجنّب مستقبل يشبه التاريخ بشكل أكثر كارثية فإن العالم يحتاج إلى عددٍ أقل من الدول النووية، لا المزيد منها. ولتحقيق هذا الهدف، ينبغي على واشنطن توسيع نطاق الضمانات الأمنية الفعّالة بدل تقليصها، وأي استراتيجية أمنية موثوقة يجب أن توضّح أفضل السبل لتحقيق كلا الأمرين.




