مصر

خبير اقتصادي: جميع إيرادات الدولة لا تكفي لسداد فوائد الدين الداخلي والخارجي

كتب أحمد العش:


11:03 ص


24/12/2025

قال الدكتور حسن الصادي، أستاذ اقتصاديات التمويل بكلية التجارة جامعة القاهرة والخبير الاقتصادي، إن حجم الدين العام في مصر أصبح “مرعبًا” ليس فقط من حيث الرقم، ولكن من زاوية القدرة الفعلية على السداد، مؤكدًا أن جميع إيرادات الدولة الحالية لا تكفي لتغطية فوائد الدين الداخلي والخارجي، دون حتى التطرق إلى أصل الدين.

وأضاف أستاذ اقتصاديات التمويل بكلية التجارة جامعة القاهرة خلال حواره مع الإعلامية رانيا بدوي في برنامج “فاصلة ومنقوطة”، أن الخطأ الجسيم في التعامل مع ملف الدين يتمثل في قياس نسبته وخدمته إلى الناتج القومي الإجمالي، دون النظر إلى علاقته بإيرادات الدولة الفعلية، معتبرًا أن هذا النهج “خطأ اقتصادي مرعب” يعكس سوء تقدير حقيقي للمخاطر.

وأوضح أن ما يحدث حاليًا هو أن الدولة لا تسدد الفوائد فقط، بل تدفع أيضًا أجزاء من أصل الدين، في وقت لا تستطيع فيه الإيرادات العامة تغطية الفوائد وحدها، مشيرًا إلى أن التركيز الرسمي غالبًا ما ينصب على الدين الخارجي بمعزل عن الدين الداخلي، أو العكس، بينما المطلوب هو التعامل معهما كمنظومة واحدة لخدمة الدين وإدارته.

وأشار أستاذ اقتصاديات التمويل إلى أن الخطر الأكبر لا يكمن في الفوائد وحدها، بل في استحقاقات أصل الدين، التي تترتب عليها سياسات وصفها بـ”بيع أصول الدولة” تحت مسميات مختلفة، لافتًا إلى أن طرح فكرة “مبادلة الديون” أثار مخاوف واسعة لدى المتخصصين.

وتساءل الصادي: “هتبادل الديون بإيه؟”، موضحًا أن الدولة تصف ما يحدث بأنه استثمار، في حين يرى عدد من الخبراء والاقتصاديين أن الأمر لا يعدو كونه بيعًا مباشرًا للأصول، وليس استثمارًا حقيقيًا بالمعنى الاقتصادي.

وأكد أن هناك خلطًا واضحًا في المفاهيم الاقتصادية، وأن الاستثمار الأجنبي الحقيقي ينقسم إلى ثلاثة أشكال، أولها وأفضلها للاقتصاد هو الاستثمار الأجنبي المباشر من نوع الـGreenfield، الذي يبدأ من شراء الأرض وإقامة المشروعات والمصانع وتشغيلها وفق خطط زمنية واضحة، بما يضخ إيرادات وفرص عمل حقيقية في الاقتصاد، وهو ما لم يحدث، بحسب قوله، في بعض الصفقات الأخيرة.

وضرب مثالًا بصفقة رأس الحكمة، معتبرًا أنها تمثّل بيع قطعة أرض دون التزام زمني أو مشروعات محددة تدر عوائد مباشرة تمكن الدولة من الوفاء بالتزاماتها.

وأضاف أن الشكل الثاني هو الاندماجات (Mergers)، إذ يندمج كيان أجنبي مع كيان محلي لرفع كفاءته بما يعود بالنفع على الطرفين والاقتصاد ككل، بينما يعتبر أقل أشكال الاستثمار فائدة هو الاستحواذ (Acquisition)، الذي يفترض أن يضخ أموالًا حقيقية في شرايين الاقتصاد مقابل إدارة الأصل وتطويره وزيادة إنتاجه.

وانتقد حسن الصادي ما وصفه بـ”الضبابية الشديدة” في طبيعة الصفقات الحالية، متسائلًا: “هل ما يحدث استثمار مباشر؟ أم اندماج؟ أم استحواذ؟ أم مجرد مبادلة دين بأصل؟”، مؤكدًا أن مبادلة الدين بالأصول لا تلجأ إليها أي دولة إلا في حالة عدم القدرة على السداد.

وشدد على أن مبادلة الديون تعني ضمنيًا عجز الدولة عن الوفاء بالتزاماتها، موضحًا أن ما يتم هو مبادلة أفضل المواقع الجغرافية وأهم الأصول الاستثمارية، التي كانت تدر إيرادات ضريبية وتغذي الموازنة العامة، لصالح الدائنين.

واستشهد الصادي بعدد من الصفقات، من بينها صفقة “الإسكندرية للحاويات”، موضحًا أن الأصل الذي تم بيعه بنحو 3 مليارات جنيه، حقق للمستثمر توزيعات وأرباحًا تجاوزت 14 مليار جنيه، دون أن ينعكس ذلك، بحسب قوله، على زيادة التجارة الدولية أو الطاقة الاستيعابية أو التحديث أو التوظيف أو الحصيلة الضريبية.

وتساءل الدكتور حسن الصادي في ختام حديثه: “هل زادت القيمة المضافة؟ هل تحسنت الخدمات؟ هل توسعت الأرصفة؟ هل ارتفعت إيرادات الدولة؟”، ليجيب قائلًا: “لم نسمع عن أي من ذلك”، معتبرًا أن ما يجري لا يمثل استثمارًا حقيقيًا بقدر ما هو تفريط في أصول استراتيجية دون عائد تنموي واضح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى