إسرائيل ترصد 110 مليارات دولار لتصنيع السلاح.. هل تسعى لحروب بلا مظلة أمريكية؟
إسرائيل
كتب-عبدالله محمود:
11:54 م
25/12/2025
تعتزم إسرائيل إنفاق نحو 110 مليارات دولار لتطوير صناعاتها العسكرية، في خطوة تهدف، إلى تقليل الاعتماد على الدول الخارجية، بما في ذلك حلفائها، وفق رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو.
وقال نتنياهو: “لا أعلم إن كانت هناك دولة مستقلة بالكامل، لكننا سنسعى جاهدين لإنتاج أكبر قدر ممكن من أسلحتنا داخل إسرائيل. هدفنا بناء صناعة سلاح مستقلة وتقليص الاعتماد على أي طرف”.
وتأتي هذه التصريحات في الوقت التي تسعى فيه تل أبيب إعداد ملف استخباراتي لإقناع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشن هجوم جديد على إيران، بحسب موقع “يسرائيل هيوم”، الذي أكد أن الإدارة الأمريكية رفضت الطلب الإسرائيلي.
الوهم الخطير لاستقلال إسرائيل عن أمريكا
وفي هذا السياق، نشر معهد سياسة الشعب اليهودي (JPPI) دراسة بعنوان “الوهم الخطير لاستقلال إسرائيل عن الولايات المتحدة”، التي اعتبرت أن حديث نتنياهو المتكرر عن استثمارات ضخمة في الصناعات العسكرية هو رد مباشر على انتقادات داخلية برزت خلال الحرب على غزة وإيران، أكدت أن إسرائيل اضطرت لتقنين استخدام الذخائر بسبب مخاوف من نقص الإمدادات الأمريكية.
وترى الدراسة أن قرارات أمريكا المتعلقة بإمدادات السلاح عرضت حياة جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي لمخاطر، وأثرت على قدرة الجيش على تحقيق أهدافه، لكنها في الوقت ذاته تشدد على أن إسرائيل دولة صغيرة ذات موارد محدودة، ولا يمكنها ضمان بقائها دون دعم عسكري وسياسي أمريكي، محذّرة من أوهام قاتلة بشأن الاكتفاء الذاتي.
مساعدات واسعة من الولايات المتحدة لإسرائيل
وتؤكد الدراسة أن الحرب الأخيرة أثبتت حاجة إسرائيل إلى مساعدات واسعة من الولايات المتحدة ودول أخرى، ما يرسخ اعتمادًا متزايدًا لا يمكن اعتباره أمرًا مضمونًا الأخطر، بحسب الدراسة، أن هذا الاعتماد يأتي بشروط أمريكية تتعلق باستمرار الحرب، وحجم المساعدات الإنسانية لغزة، وهوامش الحركة السياسية والعسكرية لإسرائيل.
وفي ظل حرب إسرائيل المتواصل، تساءل كثير من الإسرائيليين عن سبب عدم الاستعداد المسبق بإنتاج محلي كافٍ من السلاح، خاصة في ظل السمعة العالمية للصناعات الدفاعية الإسرائيلية، إلا أن الدراسة تصف هذا التصور بـ”الوهم”، موضحة أن تصنيع القنابل الدقيقة والصواريخ الاعتراضية وذخائر الدبابات يتطلب مواد خام ومكونات لا يمكن لإسرائيل انتاجها.
وتؤكد الدراسة أنه حتى في حال توطين بعض خطوط الإنتاج للإسلاحة، ستبقى إسرائيل معتمدة على الواردات لتلبية احتياجات أسلحة أخرى، وعلى رأسها الإمدادات الأمريكية، والتي تتجلى في تقييد حرية القرار الإسرائيلي خلال النزاعات.
الدعم المطلق لإسرائيل يعمّق مشاكل أمريكا
في وقت سابق، نشر معهد الأبحاث الأمريكي “كوينسي” دراسة بعنوان “الدعم المطلق لإسرائيل يعمّق مشاكل أمريكا في الشرق الأوسط”، حذّرت من أن الدعم العسكري غير المشروط يدفع أمريكا للانزلاق خلف الأجندة الإسرائيلية، بما يفاقم التزاماتها العسكرية والسياسية في المنطقة ويستنزف مواردها ومكانتها.
وتشير الدراسة إلى أن المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل تضاعفت ثلاث مرات على الأقل منذ هجمات 7 أكتوبر 2023، وأن الولايات المتحدة مولت بشكل مباشر نحو ثلث ميزانية الدفاع الإسرائيلية في عام 2024، فضلًا عن مليارات الدولارات غير المباشرة التي أنفقتها عبر عملياتها العسكرية في المنطقة.
ويرى معهد “كوينسي” أن العقيدة الأمنية الإسرائيلية تتعارض مع المصالح الأمريكية طويلة الأمد في بناء نظام أمني مستقر بالشرق الأوسط، إذ إن المسار الحالي للصراعات يستدعي مزيدًا من التدخل العسكري الأمريكي، لا تقليصه.
وتعتبر الدراسة أن الأهداف الإسرائيلية المعلنة، من إيران إلى لبنان وسوريا وغزة والضفة الغربية، لا يمكن تحقيقها دون دعم أمريكي طويل الأمد وموسع.
وتحذر الدراسة من أن غياب أي قيود على الدعم العسكري الأمريكي يضعف حوافز إسرائيل لتغيير سياساتها، مؤكدة أن التاريخ يُظهر أن الانتصارات العسكرية لا تحقق الاستقرار دون دبلوماسية فعّالة وضبط للنفس. لكنها تشكك في إمكانية تحقق ذلك طالما ظل الدعم الأمريكي غير مشروط.
اتساع العمليات العسكرية الإسرائيلية
وبحسب بيانات خدمة أبحاث الكونجرس الأمريكي، تضاعفت المساعدات العسكرية الأمريكية المباشرة لإسرائيل أكثر من ثلاث مرات بين عامي 2023 و2024، بينما قدر باحثون من جامعة براون إجمالي الدعم الأمريكي لإسرائيل خلال العام الذي تلا 7 أكتوبر 2023 بنحو 22.8 مليار دولار.
ومع اتساع العمليات العسكرية الإسرائيلية، يبدو أن الحديث عن “استقلال عسكري إسرائيلي” يظل حتى الآن، أقرب إلى الطموح السياسي منه إلى الواقع الاستراتيجي.




