عرب وعالم

تصاعد التوتر بين إثيوبيا وإريتريا… هل التصريحات تعيد شبح الصراع إلى القارة الأفريقية؟

تشهد منطقة القرن الأفريقي موجة جديدة من التوتر مع تصاعد تصريحات عدائية بين إثيوبيا وإريتريا خلال الأسابيع الأخيرة، في خطوة أعادت إلى الواجهة المخاوف من احتمال اندلاع نزاع مسلح بين البلدين اللذين عاشا تاريخاً طويلاً من الصراع الحدودي.

وتفجرت الأزمة مجدداً إثر إصرار إثيوبيا الحصول على منفذ إلى البحر الأحمر عبر الأراضي الإريترية، وهي مطالب وصفتها إريتريا بأنها خط أحمر وتهديد توسعي غير قابل للقبول.

إثيوبيا تلوح بالقوة

تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد وقيادات عسكرية بارزة صعّدت التوتر، حيث اعتبر آبي أن حرمان بلاده من الوصول إلى البحر “خطأ تاريخي سيتم تصحيحه”، فيما ذهبت أصوات عسكرية إلى أبعد من ذلك عبر التأكيد أن ميناء عصب حق إثيوبي يمكن استعادته بالقوة.

وأكد قادة في الجيش الإثيوبي، من بينهم المارشال بيرهانو زولا، أن حرمان بلد يبلغ عدد سكانه أكثر من 130 مليون نسمة من منفذ بحري، لصالح دولة صغيرة كإريتريا، “أمر غير منطقي”.

كما وصفت شخصيات عسكرية أخرى السيطرة على عصب بأنها قضية بقاء تستحق التضحية بأي ثمن.

رد إريتري

وعلى الجانب الآخر، اكتفت إريتريا بردود رسمية قصيرة عبر وزارة الإعلام، لكنها حملت لهجة واضحة وحادة، حيث وصفت مطالب إثيوبيا بأنها تحركات خطيرة تعيد إنتاج أطماع توسعية قديمة، محذرة من تبعات أي عدوان على استقرار المنطقة.

وحذر قائد الجيش الإريتري من أن تجاوز الخط الأحمر الذي يقود إلى جحيم لا خروج منه، في إشارة واضحة إلى استعداد بلاده للرد على أي تهديد.

حركة عسكرية محدودة

ورغم غياب مؤشرات على تحركات عسكرية واسعة على الحدود، فإن المشهد الداخلي في البلدين يشير إلى استعدادات متواصلة، حيث بث التلفزيون الإثيوبي صوراً لتخرج آلاف العسكريين الجدد، وتحدث قادة الجيش عن انضمام عشرات الآلاف من الشباب إلى صفوف القوات المسلحة.

كما أجرى الجيش الإثيوبي سلسلة ترقيات لقيادات عسكرية، واستعراضات كبيرة لأسلحته في المناسبات الوطنية.

وفي المقابل، تواصل إريتريا برامج الخدمة العسكرية الإلزامية التي تشمل آلاف المجندين سنوياً، وسط تقارير عن قيود جديدة على حركة الجنود.

حرب إعلامية موازية

زاد الخطاب الإعلامي في كلا البلدين من حدة الأزمة، ففي إثيوبيا، التزمت القنوات الرسمية بخطاب يدعم فكرة الاستعادة العادلة لمنافذ البحر الأحمر.

وفي إريتريا، ركز الإعلام الرسمي على اتهام إثيوبيا بمحاولة “تشويه حقائق تاريخية مستقرة”، فيما دعت بعض وسائل الإعلام المعارضة الإريترية في الخارج إلى الاصطفاف الوطني في وجه التهديدات الإثيوبية.

صراع متجدد بجذور قديمة

يحمل التوتر الحالي جذوراً ممتدة منذ نهاية القرن التاسع عشر، حين خضعت إريتريا للاستعمار الإيطالي قبل أن ترتبط بإثيوبيا ثم تنفصل عنها لاحقاً في 1993.

ولم يمر وقت طويل حتى اندلعت حرب الحدود عام 1998 التي خلفت نحو 100 ألف قتيل.

ورغم توقيع اتفاق سلام في عام 2000، ظل التوتر قائماً حتى المصالحة التاريخية بين آبي أحمد والرئيس الإريتري أسياس أفورقي في 2018، وهي المصالحة التي منحت آبي جائزة نوبل للسلام، لكن العلاقات لم تصمد طويلاً، إذ عاد الغبار يكشف عن خلافات جديدة بعد انتهاء حرب تيجراي (2020–2022).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى