تجدد القتال بين تايلاند وكمبوديا.. غارات جوية وضحايا مدنيون رغم إعلان ترامب
القتال بين تايلاند وكمبوديا
كتب : محمد جعفر
12:43 م
08/12/2025
تجدد التوتر الحدودي بين تايلاند وكمبوديا، مساء أمس الأحد، مع إعلان بانكوك شنّ غارات جوية على مواقع داخل الأراضي الكمبودية، في أحدث حلقة من سلسلة اشتباكات تصاعدت رغم الاتفاقات المتعددة لوقف إطلاق النار التي تم التوصل إليها خلال الأشهر الماضية بوساطة دولية.
وقالت الحكومة التايلاندية إن التحركات العسكرية جاءت بعد “تصعيد كمبودي خطير”، متهمةً القوات الكمبودية بحشد أسلحة ثقيلة، وإعادة تمركز وحدات قتالية، وتفعيل عناصر دعم ميدانية، موضحًة في بيان لها أن هذه التطورات دفعت إلى استخدام القوة الجوية لردع وتقليص القدرات العسكرية لكمبوديا.
وفي المقابل، أفادت وزارة الدفاع الكمبودية بأن الجيش التايلاندي نفّذ هجمات فجراً على موقعين تابعين لقواتها، وذلك “بعد أيام من الأعمال الاستفزازية”، مؤكدة أن قواتها لم تردّ، ونقلت رويترز عن وزير الإعلام الكمبودي مقتل أربعة مدنيين وإصابة تسعة آخرين نتيجة الاشتباكات الأخيرة مع تايلاند.
ويأتي هذا التصعيد بعد سلسلة أحداث أعقبت اتفاق وقف إطلاق النار الذي تفاوض عليه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في وقت سابق من العام، ثم جرى تعزيزه في أكتوبر خلال اجتماع في كوالالمبور بحضور رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم، قبل توقيع اتفاق سلام موسع بين البلدين.

الجدول الزمني للتوتر
اشتباكات اليوم: كمبوديا تعلن مقتل أحد جنودها في أول مواجهة دامية منذ عام 2011.
23 يوليو: تايلاند تستدعي سفيرها لدى كمبوديا وتقرر طرد السفير الكمبودي بعد إصابة جندي تايلاندي بلغم أرضي.
24–25 يوليو: اندلاع أسوأ معارك حدودية منذ عقد، شملت غارات جوية ونيران مدفعية ونزوحًا جماعيًا.
28 يوليو: توقيع هدنة بعد جهود دبلوماسية قادها ترامب وماليزيا والصين.
26 أكتوبر: توقيع اتفاق معزز لوقف إطلاق النار بحضور ترامب، مؤكداً دوره كمُيسِّر.
1 نوفمبر: الجانبان يباشران سحب الأسلحة الثقيلة من المناطق المتنازع عليها.
11–12 نوفمبر: تجدد التوتر إثر انفجار لغم أرضي أصاب جندياً تايلاندياً؛ اشتباكات جديدة تودي بحياة شخص واحد على الأقل.
8 ديسمبر: تايلاند تشن غارات جوية بعد اتهام كمبوديا بفتح النار، ليبدأ نزوح جديد للسكان ويتبادَل الطرفان مجدداً اتهامات خرق الهدنة.
الجذور التاريخية للنزاع
يمتد النزاع الحدودي بين تايلاند وكمبوديا لأكثر من قرن، ويشمل مناطق متفاوتة على امتداد حدود يبلغ طولها 817 كيلومترًا، وتعود جذور المشكلة إلى عام 1907 حين رسمت فرنسا التي كانت تستعمر كمبوديا آنذاك حدودًا مثيرة للجدل، استندت إلى اتفاق يقضي باتباع خط مستجمعات المياه الطبيعية، إلا أن العديد من المناطق ظلّ غير محدد بشكل واضح.
ومنذ عام 2000، عملت لجنة حدودية مشتركة على معالجة المطالبات المتداخلة، لكن التقدم بقي بطيئاً، بينما أسهمت المواقع التاريخية ذات الحساسية القومية في تغذية التوتر، وفي عام 2003 تجدد الغضب الشعبي بعد أعمال شغب في بنوم بنه أعقبها حرق السفارة التايلاندية ومتاجر مملوكة لتايلانديين، إثر تصريحات منسوبة لمشاهير تايلانديين بشأن معبد أنغكور وات.
النزوح المدني وتداعيات الأزمة
وفي ظل الهجمات الأخيرة، أعلنت تايلاند اليوم الإثنين إجلاء أكثر من 385 ألف مدني من أربع مناطق حدودية، بينما قالت السلطات العسكرية إن أكثر من 35 ألف شخص يقيمون حالياً في ملاجئ مؤقتة، وتشير هذه الأرقام إلى اتساع نطاق الأزمة وتزايد المخاوف من انزلاق البلدين إلى مواجهة أوسع إذا لم تنجح الجهود الدبلوماسية الجارية في إعادة تثبيت وقف إطلاق النار.





